الحكيم والفئران
۩۩ حكيم الزمان ۩۩
يحكى انه كان فيما كان فى سابق الزمان .. كان هناك سلطان بلغ من القوة و المنعة ما لم يصله سلطان .. فكان رمزا للقوة و العطاء و البطش و السماح.
عاش السلطان طويلا جتى بلغ من العمر ارزله فدانت له الممالك و سبح بحمده المماليك و انجب العشرات من البنين و الاحفاد
لكن الدنيا لا تدوم بحال .. فقد تقدم عمر السلطان و خشى على المُلك من بعده .. احتار السلطان من يولى من بعده فاولاده و احفاده بالعشرات.
فكر السلطان كثير و لم يجد بدا من استشارة حكيم الزمان الذى كثيرا ما كان عونا له على مر الاعوام
حضر الحكيم على عجل .. و دون ان ينطق السلطان .. قال الحكيم للسلطان لا بد انك مهموم بمن يرعى ما انجزت على مر الزمان
اندهش السلطان و تنهد طويلا و قال .. نعم يا حكيم الزمان .. دبرنى بربك ماذا افعل
قال الحكيم: اجمع من يمكن ان يليك من الامراء و اخبرهم انك ستولِّى منهم من يستطيع ان يجمع مائة فأرا فى صندوق و ساتركك تعرف السبب من الامير الذى ينجح فى ذلك
رغم غرابة الطلب الا ان ثقة السلطان بالحكيم و ما استفاده منه على مر السنين جعله يطلب عقد اجنماع لابنائه واحفاده من الامراء
حضر الامراء على وجل .. فلم يكن من عادة السلطان ان يجتمع بهم جميعا .. استمعوا الى السلطان و استغربوا طلبه .. لكن لم يكن احد منهم يجروء على المناقشة او الاعتراض
انصرف الحميع ما بين متامل متعجب و متحير .. لكن عظم الجائزه كان مغريا للجميع ان يبحث و يفكر فى الوسيلة.
مر يوم ثم يومين ثم ثلاثة و لا توجد اية اخبار عن نجاح اى امير فى المهمة .. زاد الشك فى نفس السلطان عندما عاد بعض الامراء يشتكون ان الفئران إما تتصارع و تموت داخل الصندوق ، وإما تقرضه وتخرقه وتفر هاربة.
ظل الوضع هكذا عدة أيام .. حتى كان اليوم العاشر حين دخل عليه احد الامراء يحمل صندوقا به الفئران المطلوبه
انفرجت اسارير الملك .. و لكنه تذكر قول الحكيم ان يسال الفائز عن كيف جمع الفئران و كيف حافظ عليها على مدار الايام حتى وصل بها للقصر
أجاب الامير: ادام الله عمر السلطان .. لقد فكرت كثيرا يا مولاى فوجدت ان صيد الفئران قد يكون امرا سهلا لكن عند وضعها فى الصندوق لا بد من الا تموت الفئران .. والا تتمرد او تفر من الحبس فى الصندوق .. لذا جمعتها فى الصندوق وأغلقته من أعلى .. و حملته على كتفى .. وكلما سكنت هززت الصندوق بقوة فتظن أن أمل إطلاقها بات وشيكاً، وأن النور سوف يأتى، ثم أواصل المسير، وكلما شعرت بأن التعب والجوع أصابها، جلست تحت شجرة، وألقيت فى الصندوق قطعة جبن واحدة
هنا قاطعه الملك : ولماذا قطعة جبن واحدة ؟!
فأجاب الامير : القطعة الواحدة ستوفر لى كل ما أريده .. فالفئران كانت تتصارع عليها لجوعها الشديد، وبالتالى تنشغل بها ساعات طويلة، فتنسى تعبها ورغبتها فى الحصول على الحرية، ثم إنها تسد رمقها وتضمن بقاءها حية، وكذلك تلهيها عن قرض الصندوق ، وأخيراً تمنحها الأمل فى الحصول على قطع أخرى من الجبن، فتظل أبصارها معلقة على فتحة الصندوق ومن يحمل الصندوق ومن يملك الجبن .. وهكذا وصلت إلى جلالتكم بمائة فأر بالتمام و الكمال ..
نظر إليه السلطان للامير بإعجاب شديد .. و هنأه بتعيينه ولياً للعهد ..
حضر حكيم الزمان و هنأ الامير و السلطان .. فقدم له السلطان كل الشكر و الامتنان
سكت الحكيم و قال موجها كلامه للامير لقد ابديت من الحكمة و الذكاء ماعجز عنه غيرك و مكنك من جمع القئران و السيطرة عليها ..
صمت حكيم الزمان قليلا جعلت الكل يلتفت اليه ..ثم اردف قائلا: لكن بد ان تعى ايها الامير ان من الفئران من هرب منك .. هؤلاء اما انهم يدركون فكرة الصندوق و يرفضونها تماما و اما انهم يملكون القوة التى تمكنهم من الهرب. هؤلاء ايها الامير هم من بيدهم استقرار امرك او هلاكك فان احسنت تدبر امرهم رفعوك و رفعوا البلاد معك .. و ان انت لم تعمل لهم حسابا اثاروا لك القلاقل و كانت مواجهتم بداية السقوط
الخلاصة:
1- الحكم و التحكم صنوان .. من اراد الحكم لا بد ان يجد وسيلة للتحكم
2- للتحكم فى خلق الله قواعد واصول .. يستغلها من يسعى للحكم ..
فبهدد احيانا و يغدق احيانا .. يبشر احيانا و ينذر احيانا وفق اليات معروفة
3- اذا لم تعرف الناس ما تريد فستسقط فى فخ الاغراء و التهديد فيحملهم من يشاء فى جوال
4- اذا كان النية هى الاصلاح سوف يتفق الجميع علية و لو بعد حين و ساعتها تذدهر البلاد .. و اذا كانت النية غير ذلك لابد ان تجد الصندوق و ان تجد من يجمع الكل فيه
_________________________________________
إضافة تسمية توضيحية |
عاش السلطان طويلا جتى بلغ من العمر ارزله فدانت له الممالك و سبح بحمده المماليك و انجب العشرات من البنين و الاحفاد
لكن الدنيا لا تدوم بحال .. فقد تقدم عمر السلطان و خشى على المُلك من بعده .. احتار السلطان من يولى من بعده فاولاده و احفاده بالعشرات.
فكر السلطان كثير و لم يجد بدا من استشارة حكيم الزمان الذى كثيرا ما كان عونا له على مر الاعوام
حضر الحكيم على عجل .. و دون ان ينطق السلطان .. قال الحكيم للسلطان لا بد انك مهموم بمن يرعى ما انجزت على مر الزمان
اندهش السلطان و تنهد طويلا و قال .. نعم يا حكيم الزمان .. دبرنى بربك ماذا افعل
قال الحكيم: اجمع من يمكن ان يليك من الامراء و اخبرهم انك ستولِّى منهم من يستطيع ان يجمع مائة فأرا فى صندوق و ساتركك تعرف السبب من الامير الذى ينجح فى ذلك
رغم غرابة الطلب الا ان ثقة السلطان بالحكيم و ما استفاده منه على مر السنين جعله يطلب عقد اجنماع لابنائه واحفاده من الامراء
حضر الامراء على وجل .. فلم يكن من عادة السلطان ان يجتمع بهم جميعا .. استمعوا الى السلطان و استغربوا طلبه .. لكن لم يكن احد منهم يجروء على المناقشة او الاعتراض
انصرف الحميع ما بين متامل متعجب و متحير .. لكن عظم الجائزه كان مغريا للجميع ان يبحث و يفكر فى الوسيلة.
مر يوم ثم يومين ثم ثلاثة و لا توجد اية اخبار عن نجاح اى امير فى المهمة .. زاد الشك فى نفس السلطان عندما عاد بعض الامراء يشتكون ان الفئران إما تتصارع و تموت داخل الصندوق ، وإما تقرضه وتخرقه وتفر هاربة.
ظل الوضع هكذا عدة أيام .. حتى كان اليوم العاشر حين دخل عليه احد الامراء يحمل صندوقا به الفئران المطلوبه
انفرجت اسارير الملك .. و لكنه تذكر قول الحكيم ان يسال الفائز عن كيف جمع الفئران و كيف حافظ عليها على مدار الايام حتى وصل بها للقصر
أجاب الامير: ادام الله عمر السلطان .. لقد فكرت كثيرا يا مولاى فوجدت ان صيد الفئران قد يكون امرا سهلا لكن عند وضعها فى الصندوق لا بد من الا تموت الفئران .. والا تتمرد او تفر من الحبس فى الصندوق .. لذا جمعتها فى الصندوق وأغلقته من أعلى .. و حملته على كتفى .. وكلما سكنت هززت الصندوق بقوة فتظن أن أمل إطلاقها بات وشيكاً، وأن النور سوف يأتى، ثم أواصل المسير، وكلما شعرت بأن التعب والجوع أصابها، جلست تحت شجرة، وألقيت فى الصندوق قطعة جبن واحدة
هنا قاطعه الملك : ولماذا قطعة جبن واحدة ؟!
فأجاب الامير : القطعة الواحدة ستوفر لى كل ما أريده .. فالفئران كانت تتصارع عليها لجوعها الشديد، وبالتالى تنشغل بها ساعات طويلة، فتنسى تعبها ورغبتها فى الحصول على الحرية، ثم إنها تسد رمقها وتضمن بقاءها حية، وكذلك تلهيها عن قرض الصندوق ، وأخيراً تمنحها الأمل فى الحصول على قطع أخرى من الجبن، فتظل أبصارها معلقة على فتحة الصندوق ومن يحمل الصندوق ومن يملك الجبن .. وهكذا وصلت إلى جلالتكم بمائة فأر بالتمام و الكمال ..
نظر إليه السلطان للامير بإعجاب شديد .. و هنأه بتعيينه ولياً للعهد ..
حضر حكيم الزمان و هنأ الامير و السلطان .. فقدم له السلطان كل الشكر و الامتنان
سكت الحكيم و قال موجها كلامه للامير لقد ابديت من الحكمة و الذكاء ماعجز عنه غيرك و مكنك من جمع القئران و السيطرة عليها ..
صمت حكيم الزمان قليلا جعلت الكل يلتفت اليه ..ثم اردف قائلا: لكن بد ان تعى ايها الامير ان من الفئران من هرب منك .. هؤلاء اما انهم يدركون فكرة الصندوق و يرفضونها تماما و اما انهم يملكون القوة التى تمكنهم من الهرب. هؤلاء ايها الامير هم من بيدهم استقرار امرك او هلاكك فان احسنت تدبر امرهم رفعوك و رفعوا البلاد معك .. و ان انت لم تعمل لهم حسابا اثاروا لك القلاقل و كانت مواجهتم بداية السقوط
الخلاصة:
1- الحكم و التحكم صنوان .. من اراد الحكم لا بد ان يجد وسيلة للتحكم
2- للتحكم فى خلق الله قواعد واصول .. يستغلها من يسعى للحكم ..
فبهدد احيانا و يغدق احيانا .. يبشر احيانا و ينذر احيانا وفق اليات معروفة
3- اذا لم تعرف الناس ما تريد فستسقط فى فخ الاغراء و التهديد فيحملهم من يشاء فى جوال
4- اذا كان النية هى الاصلاح سوف يتفق الجميع علية و لو بعد حين و ساعتها تذدهر البلاد .. و اذا كانت النية غير ذلك لابد ان تجد الصندوق و ان تجد من يجمع الكل فيه
_________________________________________
الحكيم والفئران
Reviewed by AYMAN
on
ديسمبر 18, 2016
Rating:
ليست هناك تعليقات: